مريمُ تفتّشُ عن وطنٍ ...
وتعانقتْ كلُّ الجٍراحِ
ونزَّمِنْ وجـْهِ المَدينـَة
بَعْضُ ما بـَقِيَ عَلى الخَدِّالجريحْ
هِيَ مَرْيـَمُ كتَبَتْ عَلَى ثَغـْرِالنـَّوافـِذِ قِصَّةَ الوَطَنِ الكـَبِيرِ
يُطِلُّ مِنْ عـَيْنِ الصَّبـَاحْ
زيْتُـونَةٌ يَاتُونُسَ الأَوْجـَاعِ
والفَرَحِ المُكـَمَّمِ فــِي تَـعَارِيــجِ الصِّيَاحْ
ظِـلِّي وَمَريَمُ قـَدْ أطَلـَّتْ مِنْ عُيُونٍ فِي السَّمَاءْ
صوْتِي ومَرْيَـمُ تَرْتَدِي ثَـوْبَ البَــهَـاءْ
الأرضُ تـَشْرُقُ بِالدّمُوعِ وَمَرْيمُ تـَقـِفُ هُنَاكْ ..
عَلَى رَصِيفِ الخــوْفِ يَسـْكـُنُها الرّجَاءْ
شَجـَرٌ .. وَأشَرِعـَةٌ .. ومَاءْ ...
وجْهُ المَدينـَةِ فِي أكُفِّ الشــَّامِتِينَ وفِي اخْتِلاجَاتِ المَساءْ
والقَطْـرُمنْ رحـِمِ السّمـَاءْ
قدْ شَحَّ ..أذْبَـلَهُ الخَـوَاءْ ..
حتَّى المَطرْ
لم يَأْتِ فِي ذاكَ الصَّبـَاحْ
وتَيـَبَّسَتْ وَجَـَنَاتُ هـَاتِيكَ المدنْ
ماتَ الشَّجَرْ..
والأَرْضُ غـَامَتْ في تَجاوِيفِ الشُّحُوبْ
منْ قـَبْضَةٍ شَدَّتْ عَلَى خِصْرِ الشَّجـَرْ
كتبتْ علَى الأهْدابِ أُغـْنِيةَ الرُّجـُوعْ
خَطَّتْ عَلَى ثَغـْرِالمَرافِئِ وَالحَجـَرْ
هذاَصَبَاحُكِ مَرْيـَمُ
هَيـَّـا ارْقُصِي..
غَنـّي مَوَاوِيـلَ الحُقُـولِ وداعِبِي قَلْبَ الوَتـَرْ
اللّيْلُ يـــَأْذَنُ بِالجُثـُومِ علَى المَدينَهْ
والصَّمْتُ يَمْلأُ كُلَّ أَرْصِفـَةَ المَدينهْ
وهناكَ فِي أقْصىَ المَدِينَـةِ
بَيْتُ مَريَمَ قـَدْغـَفَا يَجـْتاحُهُ ضَوْءُالقـَمَرْ
ترْعَاهُ أجْنِحَةُ السّـَمَاءْ
ومنَ الوَرِيـدِ إلَى الوَرِيـدِ يُنَقّـِطُ النَّبْـضُ الثَّرَى
يهْـمِي عَلَى الوَجَنَاتِ والأطْفالُ قـَدْ وَقـَفُواهُنـَاكْ
علَى رَصِيفِ الخَوْفِ يَرْقُـبُهُ الرّجاءْ
ومَدِينَةُ الأطْفَالِ قدْشَاخَتْ وَأرّقَهـَا النَّزِيفْ
لِوُجـُوهٍ أطْفـال نَسَـوْاطعْمَ السَّكِيـنَةِ وَالفرحْ
غنّتْ مساءاتُ المدِينـَةِ كلَّ ألْـحَانِ الفرَحْ
نسَجَـتْ طُيُورُالغَابِ أردِيَةَ الفَرَحْ
لِعـُيونِ مَريَمَ يُسْكَبُ ماءُ القَصيـدِ عَلَى شِفاهٍ مِنْ دُرَرْ
لعُيونِ مَريَمَ تَنْحَنـِي كَلُّ القَوافِي
فِي جَلابِيبِ الخـَفَرْ
لِعُيُونِ مَرْيَمَ يُسْرِجُ الوعْدُ ابْتِهَالاَتِ السَّفرْ
آن لِمَرْيَمَ أنْ تـُغَنِّي العيدَ .. تزْهـُوَ ..
تَبْدأَ الفرَحَ الفقِيــدْ
ترسُمَ وَجـْهَ الرَّبيعِ عَلَى الجَـداوِلِ وَالشَّجَرْ
تحْكِي لأطْفالِ المَدِينةِ قِصَـّةَ الوَطَنِ الذَّبيحْ
قصَّةَ الطَّيْرِ الذِي ذَبَـحُـوهُ كيْ يَاْتِي المَطَرْ
زَغَبُ المَوَاوِيلِ الجَريحَةِ لَمْ يحَرِّرْ
خَوْفَنَا .. والطِّفْلَةُ التِي نَبَتَتْ هُنَا رَحـَلَتْ
هَذا البُـكاءُ الذِي منَحُوهُ للرّيحِ كيْ تبْقَى
ذَرْذَرَ النُّورَ علَى الشُّرُفَــاتْ..
كيْ يغْفُو الوَتَرْ ..
مرّتْ خَفـَافِيش المَدِيـنَةِ تُطـْلِـقُ الصَّوْتَ النّكِرْ
مرّتْ وَمَريَمُ لمْ تـَخَفْ
ثَبَتتْ وَفِي يَدِها العَلمْ
والرّيحُ تَعْبَثُ بالعَلَمْ ..
وبشَعْرٍمَرْيَمَ يَقْتَفِي مَوْجَ العَلـَمْ
ويُـقاوِمُ الرِّيحَ العَنِيــدَةَ واخْتِلاجَاتِ المَطَـرْ..
آنَ لِمَرْيَمَ أنْ تـُعِيدَ النُّورَللْوَطَنِ الشَّريدْ
وَتُحدِّثَ الأطْفالَ عَنْ وَطَنٍ جَديدْ
آنَ لِمَرْيَمَ أَنْ تَقُـولَ لأُمَّهـَا ولكُلِّ أَطْفَالِ المَدِيـنَةِ
إِنّهَا وجَدَتْ مَفـَاتِيحَ الوَطَنْ ..