بعدَ مماتي
بَعْدَ مَمَاتِي .. لا تَحْرِقُوا جَسَدِي !
فَنِصْفُ الحياةِ عِشْتُها باختصارٍ في حُبِّ الأرضِ والوطنِ
ونصفُها أمنياتٌ ذابتْ في قواريرٍمُشْتعلةٍ
وسَنَوَاتٌ عَرَفْتُ من خِلالِها أنَّ الحُبَّ لُغةَ الجَمَالِ
وتأثّرْتُ برياحِهِ المَدوّيَةِ في قَلْبِي
وعَوَاصِفِهِ الهَائجةِ دَاخِلي
وَفِي كُلِّ لحظةٍ شعرتُ بالغِيابِ رَغمَ الحُضورِ
وأصْبَحَ للعُمْرِ فَرَحٌ .. وكُلَّ صَباحٍ أجددُ نفسي داخلَهُ
مطمئنةً أتشبّثُ بشفاهِ الحياةِ
مشعّةً كنِجمةٍ لامعةٍ في السماءِ
وأَوَّلُ ظُهورٍ لي بينَ النجماتِ
كَتبْتُ شِعراً وطنياً.. للبسطاءِ في بلادي وحدثّتُهُم عنِ الإيمانِ والنقاءِ وعَنْ خُبْزِ الصَّبَاحِ
وقَهْوَةِ أُمِّي .. وصَبْرِ أُمِّي .. وإيمانِ أُمِّي .. وأحزانِ أُمِّي
وأَحْبَبْتُ الجُلوسَ مَعَكَ بسذاجَتِكَ وعَلَى سجيتِكَ
وتماديتُ بنسيانِ ذاكرتي..
وبينَ تشوّهاتِ أفكاري دعوتُ دَقَائِقَ اللقاءِ أنْ تأتيَنِي مُحَمَّلةً بالوَصَايا التي نسيتُها وأنَا عَلَى قَيدِ الحياةِ
وشجرةُ الزيتونِ تُنَادِينِي لأرجعَ إلى حُفْرَتِي بجانبِها
وأنَا ثائرةٌ مِنَ الموتِ الذي جَاءَني .. ولم أكملْ مسيرةَ السلامِ التي أَسْعَى لِحلولِها
ولفكِّ الحِصَارِ عن أَهْلِي وأرضِي السجينةِ
ولم أشْبَعْ وأتُبْ من فتنةِ عينيك
وثقوبُ قلبي تستنجدُ منكَ عِناقَها.
وأنَا مُصَابةٌ بحُمَّى تلتهمُ الصَّبْرَ
ومَعَ كُلِّ هذا ينعتونني بالمتمرّدةِ ؛ لانَّ جسدي بعدَ حَشْوهِ بالكِبريتِ لم يشّتعلْ ولم يَرْحَلْ صَوتِي مِنْ حَلْقِي
ربما .. روحي لم تستسلمْ..لأنني لَمْ أُوَدِّعْ من أُحبُّهم
ولَمْ تُقمْ الصلاةَ عَلَى روحي ..
حقًّا هَذَا الأمْرُ حيّرَنِي بَعْدَ أن استفقْتُ من حُلمِ هواجسَ
ونَادِمَةً أنَّنِي لَمْ أصِلْ إلى النهايةِ !..
٣٠-٣-٢٠١٩ عايدة حيدر