قصيدة فى السماء بقلم الشاعر /Elie Jabbour

..قصيدة في السماء..

أعرف أنك تقرئين
من خلف الأبواب الموصدة
بين السطور المتنسّكة
أعرف أن عيونك على مائدتي تراتيل
وفي صفائحي سروج
حتى لو نثرتني الرياح وانمحى الحبر
تقرئين..
لأنّ لصفحاتي المفلطحة في أقاصي جوانبي
سرد مدقع السواد ومبلّل
بمسك نداوة خدك الأقمر
وفي دقائق الأثير بريق نتوءات
يعكس تلاوة المقل
أنا أدرك أنك هناك في صدر الله
تزرعين حبوب القمح
لتطعمين من بعد لم تلدين
وأنا من صلبك أقف وحيداً
مناغشاً خيالاً منفرجاً في الفضاء
وأتنفّس غليان الوقت
ها هي عروق أناملي تنبضك
وأزهاري اللطيفة في جوانب التلال
تسدّد خطواتي المنتشية على خمر البيْسان
نحو سماواتك
وتسدن السِّتْر عن حيائي والعقل
لأشتمّ ثوبك..
فتبسمين..
والحضن أملس شرّير
يشنقني كحبّتي عِنَبه
في توهان ينصّبني مَلك
الآن يا قرينتي البهيّة الهُدْبُ
يا عصفورة الأكوان وصديقة الأنبياء
في كل صباح كذا الأمساء
أبعث لك من فصولي المعاني
من ساق سنبلتي المنتصبة في القفص 
حروف مجنّحة وميّاسة كأغصان الزنابق
أنده فيكِ..
فتسمعين..
عند كل رعشة تململ يراعي
وكل ما دوت مطرقتي الذهنيّة على سندان دفاتري
معلنة ولادتي في قِدرة حنين
أجل أنت تسمعين
لأنّني أعرف أن صوت سكون أذنيكِ
في قصيدتي وقع رنين
وإنّي متيقّن أن صمت المجرّة من حولك
ليس سوى رغبة صدى مقلتيكِ
ومحجّة كبدكِ لبوح جنين
بل وأنّني نفسي حروف حواس بإنتظار الفيض
من كرة الشوق النديّ
وأنّك باكورة نغمات موئلي
يا قصيدة طروب في السماء
يابنة مجانين اللغة
وحفيدة أولياء الحرف
ما زلتِ هنالك في عليائك
وكما عرفتك منذ آلاف السنين
تقرئين..
تسمعين..
وترقصين في بندقيتي الشعرية
تنجبين أبياتاً بخصلك المتموّجة
ولحناً من مسكن الخلود
ما زلتِ هناك وحيدتي
تنشدينني أبداً
وأُطرَب
كما في الأمس وليوم الدين