طفولة بريئة
بقلم: الأستاذ بدرالدين ناجي
سلسبيل طفلة كأنها وردة في عز الربيع، شذاها جعل امواج البحر تنحني لها احتراما و تبجيلا. طفلة آمنت بنفسها، بكلماتها و بدموعها، و بكل ما لديها من قوة راحت تدافع عن نفسها، و عن براءتها، ضد كل القساوة المحيطة بها، و ضد أتباع الحياة الجاهلية.
كانت دوما تصرخ و تبكي لتزيل كل العراقيل الواقعية و الإفتراضية من دربها. طفلة سلاحها الأمثل و الأجدى هو براءة قلبها و طهارته، هكذا علمتها أمها التي كانت دوما تنصحها و تطلب منها ان تبق قلبها أبيض ناصعا بعيدا عن ملوثات الحياة العصرية الهمجية، كانت تقول لها دوما: بنيتي الصغيرة حافظي على طيبة قلبك و طهارته، فمن هذا القلب تتفتح الورود و تنبع الأشياء الجميلة، في خضم تصاريف الحياة.
مع مرور الأيام بدا هذا القلب الغض البريء ينسلخ عن طفولته، لتجد الطفولة نفسها في عالم آخر له نواميسه و قوانينه و احكامه. عالم اختفت فيه البراءة و الرحمة، عالم تشابكت فيه كل الدروب، و كثرت فيه الجرائم و الحروب.
صار في كل درب ذئاب مفترسة تريد نهش براءة هذا القلب، و اجتثاث الحياة من هذا الجسم الذي مازالت الطهارة تمرح و تلعب مبتسمة في قلبه.
فمتى تعود الطفولة ليعود الهدوء، و تعود الإبتسامة الصادقة في هذا الوجود، لترتسم من جديد على الشفاه البريئة. و يحل بدل هذا الصخب و هذه الفوضى و هذا الخوف، استقرار يشمل الجسم و القلب معا. بدرالدين ناجي.