"" فتاة من رحم الأسى ""
تقلدت سوارا من أحزان 
آثرت الكتمان عن البوح 
واعتنقت الصمت 
لتعيش في أمان 
رأيتُ الدمع بعينيها حيران 
أي مأساة ستبكيها 
أي ألم سيحاكيه نبضها 
وقد حملت بداخلها الكثير من الأوجاع 
أحلامها تناهيد وجع 
و زفرات حارقة 
وفزع سكن أعماقها 
وخوفا أبى عن روحها أن يرحل 
تتحسس بأناملها المرهقة 
آثار جروح غائرة 
فذاك ماض بعيد 
شهد له الجسم بنتوءات الجرح 
والآلام 
فعن ماذا سيكتب القلم ؟ 
عن حكاية، عن قصة ؟ 
بل هي أسطورة 
سموها ما شئتم 
فهي التي يقف على أعتابها العقل البشري عاجزا 
عن التصديق لكل ما يستمع إليه 
من عذابات 
وآلام 
ولكنها الحقيقة 
نعم حقيقة وليست أوهام 
هم البشر حين يجعلون من الظلم عدلا 
ومن الكراهية حقا 
بل هم أشباه البشر 
هم أشد قسوة من الحجر الذي تشقق 
من خشية الله 
لتعرف ذراته اللين ويخرج منها الماء 
فأين الله في قلوبكم وقد نزعتم عنكم 
 ثوب الآدمية 
فهل تملكون قلوبا بين أضلاعكم 
أم ماذا ؟ 
إلى هذا القدر ، سكنت القسوة قلوب بني البشر 
ليصبح أشد قسوة من الحجر 
هي ليلة بكى فيها القلب وحزنا انفطر 
على فتاة من رحم الأسى 
احتضنت الأوجاع بقلب طيب 
من الخذلان انكسر 
ممن اعتقدت أنهم مثلها 
يمتلكون أحاسيس بشر 
يحكمها الخير أحيانا وحينا يتلبس بها الشر 
بَهُت بريق الروح الجميلة بداخلها ذات ذكرى 
وانطفأ ضياء النور من وجهها 
والجرح الغائر يرتسم أمام عينيها الباكيتين 
حاولت الانتصار على انكسارها 
استجمعت قواها 
وأخمدت أنين السنين بكفيها المتعبتين 
أشاحت بوجهها 
وكأنها تقول لا أريد أن أكون بهذا الضعف 
وأنا السائرة على الحق 
لم أظلم أحد 
لا ذنب لي ولا جريرة 
غير أني أحيا بمكان ليس مكاني 
وزمان ليس زماني 
فما خطيئتي 
وأنا الوحيدة أواجه المكر 
بقلبٍ لم يعرف الغدر يوما 
ولا الكبر 
سأبذل الحب ما حييت 
فالنقاء بداخلي 
أحال ظلام الليل ضياء 
\\ 
بقلم : منيرة الغانمي ـ تونس